بمناسبة الثامن من آذار - يوم المرأة العالمي
يا جماهير شعبنا
يصادف اليوم، الثامن من آذار/ مارس، اليوم العالمي للمرأة، الذي تكرس بوصفه رمزا لنضال المرأة من أجل انتزاع حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعبيرا عن عزم الحركة النسوية وأنصارها في كل أنحاء العالم على مواصلة نضالها ضد كل أشكال اللامساواة والتمييز ضد النساء، من خلال العمل الجماعي المنظم الذي لا يسعى إلى تحقيق المساواة القانونية في المعاملة والحقوق وحسب، بل وإلى تغيير البنى والنظم الثقافية والاجتماعية الأبوية التي تسوّغ كل أشكال القمع والتمييز ضد المرأة بناء على هويتها الجنسية، وتبرر مكانتها الدونية في المجتمع، وتحد من نطاق الفرص الاجتماعية المتاحة أمامها على كافة الصعد.
وفي هذه المناسبة، تتوجه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالتحية للمرأة الفلسطينية المناضلة، ولكافة الأطر والاتحادات النسوية الفلسطينية، التي خاضت - ولا تزال - معركة مزدوجة ضد القيود التي تفرضها الموروثات الاجتماعية التقليدية والثقافة الأبوية، التي تمنع انخراطها الواسع في العمل العام، الاجتماعي والسياسي، وتحصر أدوارها الاجتماعية في نطاق الدور الأمومي والمنزلي، أو الأدوار الثانوية المكملة لدور الرجل.. إلى جانب خوضها معركة النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الذي يمارس أبشع أنواع القمع والتنكيل والإرهاب بحق أبناء شعبنا، ويحول بين شعبنا وممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف في الحرية وتقرير المصير والاستقلال الوطني في إطار الدولة الوطنية الديمقراطية، التي تكفل الحقوق والحريات، وتتيح فرص متساوية للنساء للمشاركة في عملية التنمية والبناء والمشاركة السياسية وشغل مواقع صنع وتنفيذ القرار السياسي.
لقد تمكنت الحركة النسوية الفلسطينية، رغم هذه الظروف الصعبة والمعقدة، من تحقيق الكثير من الانجازات والمكتسبات، ولعبت دورا مؤثرا في حركة النضال الوطني، وقدمت تضحيات جسيمة، وانتزعت لذاتها مكانة في قيادة الحركات والأحزاب الثورية، وخاضت الانتخابات النقابية والتشريعية، وفرضت حضورها ضمن أطر وهيئات صنع وتنفيذ القرار السياسي لشعبنا الفلسطيني، وشاركت بفعالية في سوق العمل، وتبوأت مواقع إدارية هامة، وبرهنت على جدارتها بأخذ دورها المتساوي مع الرجل في كل المجالات حيثما أتيحت لها الفرصة، وقدمت بذلك نموذجا مؤثرا وملهما للحركات النسوية في كل دول العالم.
يا جماهير شعبنا
لقد أصبحت المكتسبات التي حققتها الحركة النسوية الفلسطينية مهددة بالتبديد بفعل عديد من العوامل، أبرزها تراجع المشروع الوطني بعد مغامرة أوسلو، وتراجع دور وتأثير القوى والأطر الديمقراطية واليسارية المساندة لحقوق النساء، والحصار المفروض على شعبنا في الضفة والقطاع، والانقسام البغيض الذي أدى إلى انقسام الحركة النسوية، وقطع الطريق على استمرار التجربة الديمقراطية التي وسّعت نطاق الفرص المتاحة للنساء للمشاركة السياسية وشغل مواقع صنع القرار والمناصب الإدارية العليا، علاوة على النضال من اجل تطوير القوانين والتشريعات التي من شأنها القضاء على التمييز واللامساواة ضد النساء وتوسيع الخيارات المتاحة أمامهن، ولجوء حكومتي الانقسام لتقييد الحريات العامة، وإغلاق المؤسسات الأهلية والتضييق على الأطر والمؤسسات النسوية بناء على الانتماء السياسي، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الفقر والبطالة بصورة غير مسبوقة، خاصة في صفوف النساء، وتقليص المساحة المتاحة لهُنّ للمشاركة في عملية التنمية، وتنامي التيارات السلفية والتقليدية بما تحمله من قيم اجتماعية معادية لحقوق النساء، وغير ذلك من الشواهد.
إزاء هذا الواقع، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إذ تؤكد التزامها بمواصلة النضال، إلى جانب كافة الأطر والحركات النسوية والقوى الديمقراطية والتقدمية، من أجل نصرة النساء ومواجهة كل أشكال الاضطهاد والتمييز، والحفاظ على الانجازات والمكتسبات التي تحققت عبر سنوات طويلة من نضال الحركة النسوية، فإنها تؤكد بأن المدخل الصائب لوقف حالة التراجع وصيانة منجزات شعبنا وحركته الوطنية، ومواجهة التحديات الكبرى التي تتهدد قضيتنا الوطنية بالتصفية، يتمثل في إنهاء الانقسام واستعادة وحدة شعبنا وقواه السياسية والمجتمعية على أسس سياسية وتنظيمية سليمة، تكفل إعادة بناء النظام السياسي والحركة الوطنية على أسس ديمقراطية تعددية تتيح أوسع مشاركة شعبية في عملية إعادة البناء، وتضمن صيانة الحقوق والثوابت الوطنية المهددة بالتبديد من قبل إدارة ترامب اليمينية، التي انتقلت لموقع الشراكة مع حكومة اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو في الانقضاض على الحقوق والثوابت الوطنية بهدف تصفيتها. وهذا من الصعب أن يتحقق بدون توسيع فرص المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة الفلسطينية، التي تمثل نصف المجتمع الفلسطيني، وتمتلك من الكفاءات والطاقات والخبرة المستمدة من التجربة النضالية للحركة النسوية ما يؤهلها للعب دور أساسي في قيادة عملية المصالحة، وإعادة البناء السياسي والاجتماعي، والتصدي للتحديات والمخاطر الكبرى التي تواجه قضيتنا الوطنية.
عاش الثامن من آذار رمزا لنضال المرأة الفلسطينية
ومعا على طريق النضال من أجل القضاء على كل أشكال التمييز واللامساواة ضد النساء
معا على طريق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية
معا على طريق التصدي لكل المؤامرات التي تستهدف قضيتنا الوطنية
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
8 آذار 2018